Description
مررت بعينيَّ على كل أجزاء الحجرة، بقدر من الفضول الجديد، كما لو أنني كنت على وشك أن أرى منظرًا غير معتاد. ثم جاءني إحساس عميق، أنه من بين كل الأماكن التي أقمت وسأقيم فيها، ستظل ذكرى هذه الحجرة غير قابلة للانمحاء من ذاكرتي.
ستمرًّ السنوات وأُصبح رجلًا عجوزًا، لكنني سأظلُّ أرى في ذاكرتي دائمًا هذه الحجرة في منزلنا الريفي، بنفس القدر التي هي عليه الآن من البساطة والتعقيد. لكن الطفل الذي كنته لم يستطع في ذلك الوقت المُبكر من حياته سبر أغوار هذا المنظر ليعرف لماذا هو على هذا القدر من الإثارة والغموض.
حتى يومنا هذا في شيخوختي، عندما أمرُّ بالقرب من شُجيْرَة ورد أحمر، أو عندما أنصت إلى غناء شحرور، يكون هذا كافيًا جدًا لإعادتي إلى جوّ تلك الحجرة، في ذلك الصباح الباكر، حين كنت واقفًا إلى جوار النافذة، وضلفتها الخشبية العصية على الفتح بسبب كثافة اللبلاب، وعلى مرمى بصري هناك ذلك الفراش الذي ينام عليه كلود، ذلك الفتى ابن خالتي الذي اكتسب سمار بشرته من كثرة تعرُّضه لضوء الشمس في نهارات الصيف.