Description
قصّة زايد تبدو في الذهنيّة الوطنيّة منطقةً مزروعةً بوهج العلاقة ما بين الإنسان والإنسان، وهكذا تعمل الذاكرة على نسج خيوطها على قماشة الانسجام الداخليّ، والتصالح مع الذات، لأنّ ما أراده زايدٌ ليس خلق حالةٍ من التطوّر المادّي، بل كلّ ما تمنّاه – وحدث بالفعل- هو هذا التداخل ما بين النهر والغيمة، هو هذا التكامل ما بين النبتة والأرض، وهو هذا الإبداع المستمرّ في صياغة واقعٍ لا تعرقله رياحٌ، ولا تخلخله جراحٌ، هو واقع الامتداد المائيّ للمشاعر، ومن يقرأ نشوء الحكاية، وارتقائها يعرف أنّ هذا الحبّ الذي اكتسبه زايدٌ، وبلغ حدود العالم أجمع، ولم يقتصر فقط على شعبه، هو نتيجةٌ مباشرةٌ لذاك الدفق الأسطوريّ، والتفاني اللامحدود من أجل الآخر، ونحن إذ نقترب من شخصيّة زايدٍ، فإنّنا كمَن يلتفت إلى الوراء، فلا يرى غير العتمة، ثمّ ينظر إلى الأمام، فتشعّ أمامه مصابيح التنوير التي مدّ مداها زايدٌ، وأصبحت الراية والسارية، وأصبحت الغاية التي تتّجه نحوها الخطوات؛ لتصبح الخطوط باتّجاه الأفق مثل أهدابٍ عكفت على قراءة ما تهدل به العيون من أسرارٍ أبديّةِ الحلم.