Description
ليست مجرد كائنات صماء قابعة على أرفف خشبية، ولا هي أوراق تتبدَّل ألوانها بفعل تأثيرات الزمن دون أن تشعر لأنها جامدة، لكنها مجموعة حيوات تُعيد استنساخ أرواح أصحابها، فتستمد وجودها من علاقة حميمة جمعت بين لمساتهم وأوراقها ذات يومٍ بعيد. وهكذا يمكن أن نطّلع على الكتاب ذاته في أكثر من مكتبة فنشعر باختلاف واضح رغم ثبات المضمون. بصمة يد هنا، أو ملاحظة مُدوَّنة هناك، إهداء ذو دلالة، وآخر أقرب إلى «أكلاشيه» جاف! خط ممدود أسفل فقرة استهوت قارئه، يقابله انتقاد للفقرة ذاتها في نسخة أخرى لقارئ مختلف. إنها الشخصية التي تهزم ثبات الحروف بتفرُّدها، واختلافها بين إنسان وآخر لدرجة قد تصل إلى النقيض.
كثيرًا ما شغلتني فكرة المكتبة. ذلك التكوين الذي ابتكره البشر ليكون خزانة ضخمة، لا للمعرفة فقط، بل للأسرار أيضًا، فوسط الصفحات قد تظهر عبارة تفضح سرًا أخفاه صاحبها في هامش يُنافس المَتن.
إنها متعة الكشف التي ظلت تُحركني على مدار سنوات طويلة، حتى قررت أن أدوّن جانبًا منها لأفتح باب حجرة تُشبه تلك الغُرف المُحرّمة في الأساطير القديمة.
هذا الكتاب جولة فى مكتبات مبدعين أثروا الأدب والفن، وعبر ملاحظات مُدوّنة على صفحات الكتب، اكتشفت جوانب أخرى في شخصياتهم أزعم أن كثيرين لا يعلمون عنها.