Description
طرأ شيء من التوقف على أعمال تولستوي الأدبية المُبدعة، بعد «الحرب والسلم». وذلك لا يعني أن الكاتب يظل خالياً من العمل، على العكس: إنه يقرأ بكَثرة، ويعمل على تأليف، «كتب القراءة الأربعة» التي يَعُدّها أعظم الأعمال الأدبية شأناً في حياته. وتتفتّق في ذهنه مشروعات روايات جديدة. لكن صوفيا تولستوي تُدوَّن في 24 شباط 1870 مايلي: «قال لي البارحة مساء أن قد ظهر له نموذج امرأة متزوجة، من الطبقة الارستقراطية. ضلّت سبيلها. وقال لي: إن مهمته تنحصر في عَرض هذه المرأة على أنها جديرة بالعطف وليست مذنبة، وما إن مَثُل هذا النموذج بين يديه حتى وَجدت جميع الشخصيات والطباع المذكّرة التي ظهرت له من قبل مكانها وانتظمت من حول هذه المرأة. «لكن ذلك لم يكن سوى فكرة عارضة؛ وبدا المشروع كأنه لا مستقبل له. وبالفعل، فإن تولستوي، في السنوات الثلاث التي تلت، يُنجز كتب القراءة الأربعة، ويدفعها إلى الطباعة في 1872، وتشغل بالَه، قبل كل شيء، فكرة كتابة رواية تجري في عهد بطرس الأكبر، رواية يُحرّك فيها جدَّه بطرس تولستوي، تلك الشخصية الملتبسة التي تنتهي حياتها نهاية جدّ مثيرة. وهو يحيط نفسه بمجموعة من الوثائق ويقرأ كتب التاريخ، ويُعيد كتابة البداية نحو عشر مرات، ثم يَعجز، في نهاية الأمر، عن الانتقال بالخيال إلى عصر العاهل العظيم، السحيق البعد، فيَهجُر مشروعَه ليعود إلى المخلوقات التي تُحيط به. إلى الوسط الاجتماعي الذي يعرُفه حق المعرفة والذي يستطيع أن يصفه بوضوح أعظم.