ضريبة الشعبية الهائلة لأي فنان هي ضمان أن يساء فهمه. يعرف الناس ظاهريا عنرواية «ألف وتسعمئة وأربعة وثمانون» أكثر مما يعرفونها بالفعل. هذا الكتاب محاولة لاستعادة بعض التوازن عن طريق شرح عما تدور حوله رواية أورويل حقا، وظروف کتابتها، وكيف غيرت العالم على مدى سبعين السنة الماضية بعد رحيل مؤلفها. بالتأكيد لا يقتصر معنى أي عمل فني على مقاصد مبدعه، لكن في حالتنا هذه، تستحق مقاصد أورويل - التي كثيرا ما شوهت وأهمله إعادة النظر، إذا ما أردنا أن يفهم الكتاب بصفته كتابا، لا مجرد منبع نافع لا ينضب الحالات الشعبية الساخرة. إنه عمل فني ووسيلة لفهم العالم على حد سواء. هذه إذا قصة كتاب «ألف وتسعمئة وأربعة وثمانون». لقد كتبت سير عديدة لچورچ أورويل، وأجريت بعض الدراسات الأكاديمية عن السياق الفكري لكتابه، لكن لم تجر محاولة من قبل لدمج الأمرين في سرد واحد، مع محاولة استكشاف صيرورة الكتاب أيضا. أنا مهتم بحياة أورويل لأنها في المقام الأول وسيلة لإلقاء الضوء على التجارب والأفكار التي غدت کابوسه الشخصي هذا، الذي دمر فيه بشكل منهجي كل ما كان يقدره: الصدق والنزاهة والعدالة والذاكرة والتاريخ والشفافية والخصوصية والفطرة السليمة والتعقل وإنجلترا والحب. سأتقفي أثر أورويل عبر قصف لندن وقوات الحرس الوطني وهيئة الإذاعة البريطانية ولندن الثقافية وأوروبا المنهكة بعد الحرب، وصولا إلى جزيرة چورا حيث كتب روايته أخيرا، كي أهدم الأسطورة التي تقول: إن «ألف وتسعمئة وأربعة وثمانون» كانت نحيبا طويلا سببه اليأس، صدر عن رجل وحيد يحتضر غير قادر على مواجهة المستقبل. أريد أن ألفت الانتباه إلى ما كان يفكر فيه حقا، وكيف تأتي له هذا التفكير.