Description
لقد اكتشف متجر يونكرز ووزارة الخزانة الأمريكية حقيقة أساسية عن الاستثمار. فقد باعا سندات الحرب من خلال إيلاء الاهتمام لمشاعر المستثمرين بدلًا من استبعادها، وانصب تركيزهما على عرض الاستثمارات المالية القيِّمة. فما السبب إذن؟ السبب هو أنه على الرغم من حداثتنا وتعليمنا والتكنولوجيا التي تركز على السوق، يظل الشغف والمشاعر هما الجانبين الأهم في الاستثمار. إن معرفة المزايا السلوكية الخاصة بك، وفهمها، وتفسيرها يمكن أن تحسِّن نتائج استثمارك على المدى البعيد أكثر من سوق الأسهم بالغة الشراسة. ويمكن أيضًا للمستثمرين أن يؤثروا بالسلب في أرباحهم أكثر مما يفعل ركود السوق، أو انهيارها على مر التاريخ.
دأب الكثير من علماء الاقتصاد يخبروننا طيلة العقود العديدة الماضية بأن البشر عقلانيون تمامًا بنسبة 100% فيما يتعلَّق بأموالهم. غير أن هذا جنون، لأنه على مدى أكثر من 300 سنة مر المستثمرون بأزمات معروفة، ولم يكونوا خلالها عقلانيين قط. وأوضح الأمثلة لهذا يتمثل في الفقاعات والانهيارات التي تحدث في الاستثمار، بل يمكن لكل منا أن يتذكَّر وقتًا لم يكن فيه عقلانيًّا بشأن المال، مثل سكان ولاية أيوا الذين صدَّقوا ألاعيب متجر يونكرز، واشتروا منه.
وعندما تكون مشاعرنا محتدمة وثائرة، حتى لو لم نواجه حربًا عالمية؛ تتسبب حدة الحساسية والمبالغة فيها في وقف خططنا المالية العقلانية. وفي هذا الكتاب سنناقش التصرفات غير الحكيمة التي يرتكبها المستثمرون وفقًا للانحيازات السلوكية التي نكون جميعًا عرضة لها. وسنعرف السبب الذي يجعلنا عرضة للوقوع فريسة لهذه الانحيازات، خاصة حين نشعر بالتوتر بسبب ركود السوق مثلًا (الذي يحدث عند تراجع أسعار الأسهم بنسبة 20% على الأقل). وهذا يعني أن ما لدينا من انحيازات هي السبب في معظم ما يلحقنا من ضرر عندما تكون الأوضاع سيئة بالفعل، ونجد مشقة في التعامل معها. سنبحث هذه الانحيازات، ونضعها في سياق ثلاث فقاعات وانهيارات للسوق، حيث يتسنى لك أن تفهم كيف بدت منطقية وقتها. وبعدها سندرس معًا هذه الانحيازات، كل على حدة، دون السياق التاريخي لها، حتى نفهمها فهمًا تامًّا، ونتعلَّم كيف نتجنَّب الأخطاء التي ارتكبها المستثمرون في الماضي؛ إذ مع الأسف، لم يؤدِّ أي من الانحيازات السلوكية التي يتبعها البشر خلال الاستثمار إلى نتائج أفضل، أو يقلل من المخاطر.
وقد ألَّفت هذا الكتاب لمعالجة تلك الأخطاء، وعددها 15 خطأً، سيجدها القارئ في قائمة مرجعية في الفصل الأخير. ولكننا سنفنِّدها أولًا من خلال النظر إلى تجارب مستثمرين جرت في لحظات محتدمة خلال 3 وقائع مدمرة - وكاشفة - من تاريخ الاستثمار.