Description
“ابن حاضر” – رحمه الله – كان غزير الشعر، سريع النّظم، وهذه السّجيةُ النادرة ضخّمت ديوانه، حتى إنّ شعره الفصيح – وبَلّه شعرهالشعبي– يعدل ضِعفَ ما نظم أبو الطيب المتنبي. وللسرعة والغزارة منبعان:
أولهما يتّصل بفطرة “أبي خالد” السّخية المطبوعة على الكرم في كلّ شيء، وبقدرته الفائقةِ على النّظم، وبرغبته في تصوير كلّ ما يمرُّ تحتسمعِهِ وبصره، أو يتخلّجُ في صدره، فيبوحُ به، فإذا هو أدب رفيعُ…
وثانيهما يتّصل بأسلوب الشاعر وديباجته: لغةً، ونحواً، وصرفاً، وعروضاً، وبلاغةً، وفصاحةً، وطبعاً وصناعة. إن إيثاره الفطرة والكثرة علىالتّحكيك والتّنقيح جعله ينشر بعض القصائد كما قذفتها قريحتهُ المتوهّجة، بلا أناةٍ ورويّة، فيتدفقُ الشّعرُ من بين شفتيه متوقّداً، متحرّراً منرقابة التّنقيح…